بعدستي |
تدقُ الشمس أشعتها الحادة كمسمار طويل استطاع أن يصل إلى مكان بعيد في السماء، هنيهات قبيل الوصول لم يكن في السماء سوى تلك المسماير الصفراء التي خيّل لي بأنها اخترقت الجبال!
توقفْ!
لم تكن هذه هي الصورة الكاملة، لم أصفْ لكم ما كان يبعد عنا ب20 كم!
مذبحة!
175 شخص قتلوا في الوقت ذاته الذي كان الوقت صافياً هنا!
لم يسمعْ البقية صراخَ الأطفال،كان يهمهم أكثر أن يغطّي المكان صوت عواء المسجّل خوفاً من أن يلامس سمعهم -الذي بدا لي معدماً- لكني سمعته، شتتني و أعادني مرات عديدة!
و في تلك المنطقة ناحتْ الأرامل، صمٌ كان البقية من حولنا، لكن نواحها كان تحديًا، قوية جدا كانت نظراتهن.
منزل اللاعب الفلاني و الشخص الفلاني الذي اعتلى على رأس الجبل قبيل "اربد"..لم تبعد عنه أطلال المنازل التي فاحتْ منها ريح مسك من دم طفلة، و الشوارع التي تحاول أن تنتشل نفسها و تهتف مع الثوار تارة و تقلب دبابة تارة لم تكن بعيدة.
الأحراش و غابات الأمراء، و الشجر المحترق و الزهور الذابلة شكلت لوحة من التناقض!
لم أكن بعيدة عن هناك، كبّلني همْ! أوشكوا أن يسلبوا لي صوتي الذي كان يردد طول الطريق "يلعن روحك يا حافظ".
لم أكن بعيدة أبداً! و هذا ما كاد يقتل ما تبقى لي من قوة!
و أنتَ لست ببعيد و لا أنتِ!
فليكن قلبك هناك و لسانك يلهف بالدعاء، فلعل ذلك يخفف تأنيب الضمائر -لمن بات لهم ضمير-، أو لعله يشفع لنا يوماً حين تحاسبنا كل الاشياء دموع و دماء ،وتصمنا أصوات الثكلى و الأرامل!
(إن لم تكن إنسانًا* فانت لا تستحق البقاءْ)
دمتم بشراً!!
كتبتها لكم:
دانة ياسين
21-8-2012
3 شوال 1433
*يقتضي على الإنسان -الطبيعي- أن يهتز إذا ظلم أخوه، و ينتفض إذا انتهكت المحارم.